٭اللواء. أ.ح. سامى محمد شلتوت.
هذا ما وصلت إليه حال الإرض من بغى الإنسان وتجبره ومخالفة شريعة الله فى أرضه فإن الإنسان كان ولا يزال جهولا ظلوما لنفسه وطبيعة ساحرة خلقها الله ليفسدها الإنسان بتصرفاته الغبية.
• يُجادِلُ كثيرٌ منا في المعنى الذي ينطوي عليه قولُ اللهِ تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (من 30 البقرة)
• جدالاً ينُمُّ عن جَهلٍ بلسانِ القرآنِ العربي المُبين من ناحية، ويكشفُ النقابَ، من ناحيةٍ أخرى، عما في القلبِ من غرَضٍ ومرضٍ يجعلانِ المرءَ يذهبُ بعيداً جداً في تعظيمِ الإنسان، وإلى الحدِّ الذي يَحيدُ به عن جادةِ الصواب بهذا الإصرارِ من جانبِه على القولِ بما يُخالِفُ ما ينُصُّ عليه القرآنُ من توصيفٍ للإنسانِ يضطرُّ العاقلَ الحصيف إلى التقيُّدِ بما جاءه به بهذا الشأن.
• فكيف يكونُ كلُّ إنسانٍ خليفةً في الأرض، ونحن نرى ما أحدثه هذا [ الخليفة ] المزعوم من إفسادٍ في الأرض؟! ولماذا كلُّ هذا التنطُّعِ الأهوج، والتعسُّفِ الجائر، والاشتطاطِ الطائش في تحميلِ الكلمةِ القرآنيةِ الكريمة ما لم يأذن به اللهُ تعالى من معنى؟! فإذا كان اللهُ تعالى قد إختصَّ أبانا آدم فجعلَه في الأرضِ خليفة، فلماذا نُقحِمُ أنفسَنا في الأمرِ ونأبى إلا أن نُشاركَ أبانا ما لم يقسمهُ اللهُ تعالى لنا؟!
• ولماذا نُقحِمُ القرآنَ العظيم في مسائلَ لا علاقةَ له بها ونستجلِبُ بذلك إنتقاداتِ المُبغضين واعتراضاتِ المُشكِّكين والجاهلين؟! فكيف لنا أن نُوفِّقَ بين كونِ كلِّ إنسانٍ خليفةً في الأرض، وبين هذا الذي آلَ إليه أمرُ الأرضِ من فسادٍ يشهدُ به تغيُّرُ مناخِها وتلوُّثُ بيئتِها وإحتباسُ حرارةِ جوِّها، ناهيك عن كلِّ ما يمارسُه الإنسانُ ضد أخيه الإنسان من ظلمٍ وجَورٍ وعدوان؟!
• الأجدرُ بنا أن نلزمَ حدودَ معاني كلماتِ القرآن ولا نتعدَّاها لأيِّ سببٍ كان. فاللهُ تعالى ما كان ليجعلَ كلَّ إنسانٍ في الأرضِ خليفة ليؤولَ الأمرُ بعدها بهذه الأرضِ إلى ما أصبحت عليه اليوم مرتعاً للفسادِ في البرِّ والبحرِ والجو! فما الذي يُضيرُنا إن نحنُ ألزمنا أنفسَنا بحدودِ هذا القرآن ولم نبرح ساحتَه بحثاً خائباً وسعياً ضالاً وراءَ غاياتٍ ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان؟!
٭ لقد جعلَ اللهُ تعالى أبانا آدم في الأرضِ خليفة، وذلك من بعدِ إهلاكِه مَن كان يُفسِدُ فيها ويسفكُ الدماء. وهذا أمرٌ خُصَّ به آدمُ وكفى!