بقلم دكتور مهندس خالد مصيلحي
مدير جريدة القاهرة ونائب مدير الإدارة العامة
***************
رياضة التحطيب من عصر الفراعنة.. علمها المصريون القدماء لأولادهم.. تهدف إلى الوصول للتوازن بين المادي والروحي .. وهى من الألعاب التي تشجع على الفروسية والمهارة في القتال، وتنتشر في محافظات الصعيد، ويولع بها أبناء الجنوب، وتعد لعبة تراثية ونجحت مصر فى تسجيلها فى اليونسكو كلعبة تراثية.
* قال الدكتور مؤمن سعد، مدير البحث العلمي بمعبد الكرنك بالأقصر، إن التحطيب الرياضة الشعبية الأولى في صعيد مصر، وذات أصول مصرية قديمة وانتشرت مناظر التحطيب في جدران المقابر والمعابد، ومنها مناظر للتحطيب باستخدام عصا واحدة مسجلة على قطعة عثر عليها بدير المدينة، وهناك أيضا منظر للتحطيب باستخدام عصا ودرع مسجل بمقبرة "خرو اف وكذا مقبرة امون مس بالبر الغربي".
وأضاف : "وهناك التحطيب باستخدام عصاتين، وهذا مسجل بمقبرة مري رع بالعمارنة ومن أهم المناظر المسجلة يوجد بمعبد رمسيس الثالث، إذ وجدت مناظر في معبد مدينة هابو، في الأسرة العشرين من عصر الدولة الحديثة 1152-1183 ق. م، تصور مجموعة من الجنود وهم يتبارزون بالعصا، ويوجد من عهد الملك إخناتون الشهير منظر للتحطيب بمعابد الكرنك مسجل على كتلة من الحجر الرملي بالمتحف المفتوح تمثل شخصين يقومان بالتحطيب".
* وقد أشار بعض الباحثين الأثريين إلى أن رقصة التحطيب هي نوع من أساليب التأمل الحركي، بهدف الوصول إلى التوازن المادي بين الأجسام الأربعة "الجسم المادي والعقلي والروحي والعاطفي"، وتشير النصوص القديمة إلى أن القدماء كانوا يستخدمون لفافات البردي حتى لا يصاب اللاعب بالأذى وكان يصاحب اللعبة خلفية موسيقية، .. وتطور الأمر بعد ذلك واستبدلت لفافات البردي بالعصي الخشبية.
وأكد أنه لم تقتصر هذه اللعبة على العصر الفرعوني فقط، بل نجدها في العصر الإسلامي مصورة في مخطوط مملوكي لألعاب الفروسية يرجع للقرن التاسع الهجري 9 هـ- 15م، محفوظ في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة .. ومن هذا المخطوط خمس تصاوير منها في متحف الفن الإسلامي واثنتان في مجموعة شريف صبري والتصاوير تمثل رجالا يتبارزون بالعصي، أما راجلين أو على ظهور الخيل.
* أما الدكتور نزيه سليمان، الباحث الأثري يقول : إن المصريين القدماء صوروا هذه الرياضة على جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود إذ كان التحطيب أساسا للتدريب على الأسلحة ويعتبر التحطيب في مصر القديمة طقس من الطقوس المنتظمة التي تؤدى في الأعياد الدينية والاحتفالات الشعبية والأفراح وأوقات السمر واللهو، وكانت الفتيات يقمن بعزف الموسيقى أثناء قيام الرجال بالتحطيب وهو أمر متوارث في كثير من مناطق مصر حتى الآن، خاصة في الصعيد.
* وقال أيضاَ": "كانت عصى التحطيب في مصر القديمة تعبر عن النبل والشجاعة وحفظ الحقوق وإقرار السلام وحفظ النظام والتوازن وعلو الهامة وطيب السمعة والمكانة، وفي كثير من مقابر المصريين القدماء نجد تصوير لعبة التحطيط سواء في طيبة الغربية أو أبيدوس أو مقابر أسيوط وتل العمارنة والجيزة وغيرها"، مشيرا إلى أن العصي كانت تصنع بداية من أغصان البردي ثم تطورت لتصنع من أنواع مختلفة من الأخشاب، وكان لا يسمح لأحد بلعب التحطيب قبل أن يتعلم جميع قواعدها وأصولها.
***************
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
مع تحياتي
