★اللواء.أ.ح. سامى محمد شلتوت.
• وجعلنا بينكم مودة ورحمة.أولى كلمات رباط الزواج المقدس فى الدين الاسلامى.. كيف يجتمع المودة والرحمة مع العنف والايذاء البدنى والمعنوى. هل يستقيم ذلك الأمر .بالتأكيد لا يستقيم حتى مع الفطرة الإنسانية السامية..
• تدور هذه الأيام مناقشات عن قضية إجتماعية وهى ضرب الأزواج للزوجات . لا بد أن نلبس ثوب الإنسانية والقيم الحميدة وفطرة الإنسان التى فطرها لنا الرحمن الرحيم .. وأقول لا يهنها إلا لأئيم ولايكرمها إلا كريم..لا يمكن أن أتصوَّر أن يأمر الله بالضرب لشريكة الحياة بمعنى الجلد.. وعندما نتعقب كلمة ضرب في القرآن نأتي بمعنى جديد ..
كنتُ على يقين أن ضرب النساء المذكور في القرآن لا يمكن أن يعني ضرب بالمعنى والمفهوم العامّي ، لأنّ ديناً بهذه الرِّفعة والرُّقي والعظمة ﴿الدين الإسلامي﴾ والذي لا يسمح بإيذاء قطة، لا يمكن أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الأم والأخت والزوجة والإبنة}.
• فالمعنى الرائع لكلمة (فاضربوهن) في القرآن وتفسّيرها ولكن ليس كما يفسرها الآخرون..ماذا تقول الآية..!؟
{وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}النساء٣٤.
• من خلال المعرفة البسيطة في اللغة العربية وتطوّرها وتفسيرها فإن العقوبة للمرأة الناشز أي المخالفة نراه في هذه الآية عقوبة تواترية تصاعدية. بالبداية تكون بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد.
فإن لم يستجبن..فيكون الهجر في المضاجع أي في أسرّة النوم وهي طريقة العلاج الثانية ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة والهجر هنا في داخل الغرفة.
أما (وإضربوهن) فهي ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا لأن الضرب هنا هو المباعدة أو الإبتعاد خارج بيت الزوجية.
ولما كانت معاني ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه ، فقد تتبعنا معاني كلمة {ضرب} في المصحف وفي صحيح لغة العرب ، نجد أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والإنفصال والتجاهل ، خلافاً للمعنى المتداول الآن لكلمة {ضرب}.فمثلا الضرب بإستعمال عصا يستخدم له لفظ {جلد} ، والضرب على الوجه يستخدم له لفظ {لطم}، والضرب على القفا {صفع} والضرب بقبضة اليد {وكز}، والضرب بالقدم {ركل}.
وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة {ضرب} لنرى مثلاً في قول (ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.
و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده.
• فالضرب إذن يفيد المباعدة والإنفصال والتجاهل.
وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة..
{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى} طه ٧٧.أي أفرق لهم بين الماء طريقاً.
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء ٦٣. أي باعد بين جانبي الماء.
{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ} البقرة٢٧٣.أي مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة.
{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ}المزمل٢٠.
أي يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق.
{فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الحديد ١٣.أي فصل بينهم بسور.
• ويُقال في الأمثال {ضرب به عُرض الحائط} أي أهمله وأعرض عنه.وذلك المعنى الأخير هو المقصود في الآية…
أما الآية التي تحض على ضرب الزوجة {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}.فالآية تحض على الوعظ ثم الهجر في المضجع والإعتزال في الفراش ، أي لا يجمع بين الزوجين فراش واحد ، وإن لم يُجْدِ ذلك ولم ينفع ، فهنا {الضرب} بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل ، وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين ، وأعتقد أنه سلاح للزوج والزوجة معاً في تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات الضارة التي تهدد كيان الأسرة التي هي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني.
• ولدينا كلمات نستخدمها أيضا
مثل أضرب عن الطعام أى أمتنع عنه وتركه . والإضرابات فى معناها هى ترك العمل أو الدراسة أو إهمالهما...
• هذا رأى وإجتهاد شخصى قد يصيب وقد يخطأ. يتمشى مع عظمة ورقى وتقدير المرأة فى الإسلام ويبنى على المنطق والقواعد اللغوية في اللغة العربية.