متابعة / هانى حامد
مراقب عام اعلام مجلس الدفاع الوطنى
كتب أحد ابطال المعركة ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،هو لواء أ.ح. وجية الدكروي" ضابط عمليات" اللواء 23 مدرع
المعركة الرئيسية يوم 18 اكتوبر
لواء،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ومعركة
كانت الساعة الثانية والنصف ، فجر يوم ١٨ أكتوبر ، وكنا مجموعة ضباط ( قيادة اللواء ) نتناول ( السحور ) من بعض ( المعلبات ) والمهم ( الشاى ) والسجائر شغاله على ، ودنه ، للمدخنين . والجو ، شديد البرودة .
حضر إلينا ، الجندى ، مراسلة قائد اللواء ، وأبلغنى ، أن العقيد حسن يطلبني فوراً. قلت " خير ، دا إحنا لِسَّه مكملناش سحور " طب روح يا إبنى " ( أنا جاى حالاً ) ، ولبست ( لامؤاخذة الجزمه ) وأخذت البطارية ، وتوجهت لعربة القيادة .
دخلت على القائد ، ففاجأنى [ إنتى فين يا - سى - وجيه ؟ نايم ؟ اللواء إترفعت حالة إستعداده للحالة القصوى ] قلت : مبروك يا فندم ، يبقى هنحارب خلاص . طب يلا جهز نفسك ، وهنتحرك لمقابلة العميد الزمر ، بعد ٣٠ دقيقه . متتأخرش .
تحرك ، مركز القيادة المتقدم ، والمكون من مجموعة ( صغيرة من المركبات ) ودبابة القتال خاصة ( قائد اللواء ) وضباط المركز ( المتقدم ) وهم ،ضابط العمليات ، والإستطلاع ، والإشارة ، والدفاع الجوى ، والمدفعية . وبحكم عملى ، كنت دائماً مع قائد اللواء ، وفى أى مركبه ، أو أى مكان يتواجد فية . [ يعنى لو إتلفت ملقانيش ، يمكن يولع فيا ] وهو كان ( ممكن يعملها ) .
فى تمام الساعة الرابعة والربع تقريبا ، وصلنا إلى مركز قيادة الفرقة ٢٣ المشاة الميكانيكي ، وكان متواجدا مع مركز قيادة اللواء ١١٦ مشاة ميكانيكي فى مكان واحد . دخلت خلف قائد اللواء ، صافح وعانق ( وبحرارة ) العميد الزمر ، قائد اللواء ، ثم صافحني ، وكانت أول ، وآخر مره ( أرى فيها الرجل ) . مكثنا معه ما يقرب من ٢٠ دقيقة ، تسلمنا فيها ( المظروف السرى ) بالمهمة ، وقام بشرح ملخص الموقف ، وخرجنا ، فى حوالى الخامسة إلا الربع تقريباً [ وسوف أسجل لكم ما دار من حوار بين القائدين ، تفصيلا ، فيما بعد ]
جلسنا ، فى عربة ، قائد اللواء ، أنا والنقيب النصيري ( قائد سرية الإستطلاع ) نراقب العقيد حسن ، وهو يقرأ [ أمر القتال ] من المظروف السرى ، وقمنا ، أنا والنصيري فيما بعد ، بتوقيع -الموقف على خريطة العمليات _ وكذا قرار قائد اللواء .
كان قرار القائد هو ، الهجوم من خط طريق ( تقاطع ) أبو سلطان ، وبإتجاه الدفرسوار ، والوصول إلى مصاطب الدبابات غرب القناة وإحتلالها . وتشكيل المعركة فى ( نسقين ) و.......واللواء يتعاون مع ،القوات المدافعة من ( بقايا) اللواء ١١٦ مشاة ، وكتيبة مظلات تقاتل فى نفس الإتجاه .
قبل أن أبلغ ( القرار ) إلى رئيس الأركان ، بالمركز الرئيسى ، طلب منى القائد ، بإبلاغ القوات ، بأنه ( تيمنناً بالله الواحد القهار ) فقد قرر، إطلاق إسم ( اللواء القاهر) بدلا من ( اللواء٢٣ ) ، وقد فعلت ، وابلغت القرار كاملاً للمركز الرئيسى .
فى تمام السابعة ، وصل المركز المتقدم إلى منتصف ( خط بدأ القتال ) وإنتشرت مركبات المركز فى المنطقة ، وأصر قائد اللواء على التواجد على دبابة القتال ، بدلا من مركبة القيادة . وأمام إصراره ، ركبت بجواره ( ومكانة ) وكان هو مكان ( المعمر ) فى الفاتحة اليمين . وأخذ يصدر تعليماته وأوامره ( للقوات المهاجمة ) ، وأنا أراقب بنظارة الميدان بوادر ظهورالقوات على خط الأفق ، وبالفعل ظهرت فى الثامنه إلا ربع ، ( عفرة شديدة ) على خط الأفق ، فأشرت له ، وهز رأسه ، ووصلت قوة الهجوم .
مع إقتراب تشكيل المعركة ، وفجأة ، خلع القائد ( الهيلمت ) مع على رأسه بانفعال ، وقال : فيه تداخل شديد فى الشبكات ، بسمع كلام غريب ، شوف مع الإشاره ، أيه الحكايه ؟ . نطيت ، وجرى على مركز الإشارة ، ( فيه أيه ؟ ) وجاءت الإجابة ، فية يا فندم ، محطه شوشرة ( فائقة القدرة ) تعمل على كل ترددات شبكات اللواء ، مفيش حاجة نافعه معاها ، كل الإتصالات على كل المستويات ( مشلولة ) والعدو بيذيع بلاغات ( لخفض الروح المعنوية ) وأنا رايح أقول لقائد اللواء . فسألت ضابط مركز الإشارة ، طب أية البديل ؟ فرد . البديل صعب دلوقتى يافندم . وذهب الضابط وتسلق الدبابه ، وابلغ قائد اللواء .
عدت مرة أخرى إلى ( دبابه القتال ) وكان القائد ( منفعلاً) ، ويشاور للقوات بيديه ، وهو يراها ( تضيق من مواجهات الهجوم ) كتصرف تلقائي لفقد الإتصال ، وبالفعل حدث بعض الإرتباك فى ( شكل ) قوة الهجوم . ولكنها إقتربت من خط ( الدفع ) أو خط الهجوم المحدد لها .
وما هى إلا لحظات ، حتى بدأ قصف مدفعي شديد ومركز ، على كل قوات اللواء ، وظهرت فى سماء المنطقة ، الطائرات المعادية ، تقصف بشدة وتركيز على بعض الدبابات التى بدأت تنفجر ، محدثة دوى كبير . إلتفت إلى قائد اللواء بجوارى ، فإذا هو غارق فى ( دمائه ) ويقول [ يظهر أنا أصبت ] ثم أخذ يفتش فى نفسة ، وصاح ( دراعى راح ، دراعى ده ) وبحركة لا إراديه ، دخلت البرج ، وأخذت ( أشد رجليه ) من داخل الدبابه ، حتى (نزل جوه ).
وظهرت الحقيقة الذراع الأيسر ، معلق على جزء عضل بسيط ، والدماء تتدفق بشده ، والسائق يحاول ربط الذراع لإيقاف النزيف أو التقليل منه ، مفيش معانا عربة إسعاف ولا ممرض ، طلبت العربة ( الچيب ) لإخلائه . الرجل سمع كلمة ( إخلاء ) وإنتابته حاله نفسية ( إخلاء لا ، أنا كويس ، أنا مسبش اللواء أبدا ) قلت : يا فندم الجرح كبير ، والنزيف شديد ، والموقف خطر ، وسيادتك كدة ( هتموت ) ، وبعناده المعروف ( أموت هنا ، مش هرجع ) ، وحدث إنفجار شديد بجوار الدبابة ، نتج عنه إستشهاد حامل الجهاز اللاسلكي ( المتحرك ) ، وبعد مفاوضات ، توصلنا معه إلى إمكانية نقلة وليس ( إخلائه ) إلى مركز القيادة الرئيسى ، وأهو حل وسط ، ووافق أخيراً . وأخلى للخلف شبه ( فاقد الوعى ) كان الرجل ، عنيداً ، وكانت أقداره أشد عناداً.
وهكذا شاءت الأقدار ، وجدت نفسى ( وحيداً) على دبابه القياده ، والقوات قد عبرت بالفعل ( تقاطع أبو سلطان ) وعبرت أيضا دفاعات بقايا اللواء ١١٦ مشاة ، وتشكيل المعركة الذى كانت مواجهته ٣ كم تقريباً ، إنكمشت إلى أقل من ١ كم ، الدبابات متراصه بجوار بعضها وفى وضع خطر، نتيجه لفقد الإتصال بينهم ( وهو تصرف غريزى لفقد الإتصال أو الرؤية ) ومازالت نيران المدفعية ، وهجمات الطيران الإسرائلى هى المؤثرة على القوات ، علاوة على فقد الإتصال والشوشره ، بطبيعه الحال .
بعد عبور القوات ، الطريق العرضى لوصلة ( أبو سلطان ) أصبحت أنا ، خلف القوات ، وأتابعها بوضوح ، وهى تدخل بعشوائية المنطقة ( المزروعة ) .
وفى حوالى العاشرة صباحاً ، ظهرت على كلا جانبى القوات ، بعض الدبابات الإسرائلية ، ثم إشتبك الجانب الأيمن منها فقط مع قوات اللواء ، وواجهته القوات ، وتم تبادل إطلاق النيران ، بتركيز من جانب العدو ، وبعشواائية من جانبنا ، ورغم ذلك ، حدث ( تبادل خسائر) ولمدة ٣٠ دقيقة على الأقل ، وأخذت العديد من الدبابات ، تناور وتستخدم الأرض وتواجه الجانب الأيمن ، وظهرها للجانب الأيسر ، بطبيعه الحال .
فى الساعة الحادية عشر ، وفجأة ، بدأت كل قوات اللواء ، تتعرض لنيران من ( صواريخ م/د) من الجانب الأيسر [ يعنى اللواء المتجه يمين ، بينضرب من الشمال ، ومن خلف الدبابات ]
ةمخبيش عليكم ، اللواء وقع فى ( كمين ) ، وبدأت الصواريخ ( التى لا تخطئ هدفها ) تفجر فى الدبابات ، واحدة بعد الثانية ، { عرفنا بعدين ، إنها الصواريخ ال TOW الأمريكية الحديثة ، والأطقم كمان أمريكاني } .
كانت ، پانوراما حزينة ، وكما يقول مشايخنا ، عن القيامه ، ( وقعت الواقعة ) فعلاً وقعت الواقعة، كان مشهد من مشاهد ، يوم القيامه ، لقد كانت قوة الإنفجار تطيح ببرج الدبابة لمسافات بعيدة ، وكانت أجسام الأطقم ، تتحول إما إلى ( بخار ) أو إلى ( رماد ) ، ولقد تسبب ذلك ، فى إعتبار أكثر من ٧٠٪ من الشهداء ( مفقودين ) لإختفاء ( الجثث) وحاولنا فيما بعد ، ولكن هكذا القانون ، لابد من شهود للجثث .
وللتاريخ أقول ، وأنا ( وسط المعركة ) أننى ، ومن معى ، لم نرى وسط هذا ( الجحيم ) دبابة واحدة ( إرتدت للخلف ) ولا طاقماً واحدا ، ترك دبابته لينجو بحياته . لقد قاتل هؤلاء الأبطال ، معركة مع قوات إسرائلية أمريكية مشتركة ، وصمدوا وصبروا ، دافعوا عن الأرض التى وصلوا اليها .وتبخرت ، وتفحمت أجسادهم الطاهرة على معداتهم .نعم ، لقد محا رجال اللواء ما لحق بالعسكرية المصرية من جراء هزيمة ١٩٦٧، لا إرتداد للخلف مهما كانت الظروف ، ولاحتى أمام ( أمريكا ) .
إستمرت هذه الموقعة أو المعركة أو الكمين ، حتى الثانية والنصف ظهر يوم ١٨ أكتوبر ، حيث ( يأس ) العدو من الإستيلاء على الأرض والإختراق من الثغرة غرباً ، وتوجهت قواته بإتجاه السويس جنوباً . وبعد فصفة من ستارة ( الدخان ) من مدفعية الجيش الثانى ، تم تجميع بقايا اللواء فى الخلف وفى منطقة ( أبو صوير)
لقد إستمرت معركة اللواء ٦ ساعات ، وكانت [ أطول ٦ ساعات فى حياتى ] رحم الله الشهداء والجرحى والأحياء.