★اللواء.أ.ح.سامى محمد شلتوت.
• يذكر القرآن الكريم تخلق الجنين ونموه في كثير من الآيات وقد نزلت نصوص الكتاب قبل أربعة عشر قرناً في وقت لم تكن فيه مجاهر إلكترونية ولا مختبرات أبحاث كما في أيامنا هذه ، تُرى ماذا ستكون النتيجة لو أجرينا مقارنةً بين آخر ما توصل إليه علم الأجنة وبين ما نصَّت عليه آيات الذكر الحكيم ، هيا بِنَا نفعل ذلك!
٭ من الإخصاب وحتى إنغراس النطفه في الرحم. قناتا فالوب عبارة عن قناتين عن يمين وشمال الرحم ،تصل كل قناة بين المبيض في الأعلى وبين الرحم في الأسفل. تتم داخل المبايض عملية إنضاج البويضات وأفرازها نحو الرحم، هناك يلتقي الحيوان المنوي و البويضه لتتكون بويضة مخصبه « زيچوتاzygota» بحجم قطيرة ماء، تبدأ الزيچوتا بسلسله من الإنقسامات والتضخم ، يصل عددها بعد مرورمن ثلاثة إلى أربعة ايام إلى ست عشر خلية وتترتب بشكل عنقود صغير شبيه بثمرة توت الشجر لذلك يطلق عليها إسم «التوتية morula» . تتوالى الإنقسامات ما بين اليوم الرابع والخامس ليصل العدد الى خمسين إلى مائة خليةحينئذ تكون مجموعة الخلايا « النطفه » قد وصلت إلى تجويف الرحم ،يتكون من داخل النطفه تجويف يسمى « الكيسه الأريميه blastocyst». تترتب في داخله وفي الجهة القريبة لبطانة الرحم حوالي ثلاثين خليه جذعية ذات قدرة على التمايز والتخلق تسمى «كتلة الخلايا الداخلية ICM inner cell mass » قسم منها سوف يتطور إلى «الأغشية الجنينية Germ layers » والقسم الباقي سيبقى رصيداً مدخراً طوال العمر لترميم وتعويض ما يتلف من« خلايا الأعضاء Adult stem cells ».
٭ تخلق الأغشية الجنينيه مع نهاية الأسبوع الأول ينغرس الجنين في البطانة الداخلية لجدار الرحم ويبدأ بالتغذي على دم الأم خلال الأسبوع الثاني تبدأ عملية تمايز الأغشيه الجنينيه من كتلة الخلايا الداخليه وبنفس الفتره تتكّون المشيمة من الخلايا الخارجية للكيسة الأريمية ويستمر تشكلها حتى الأسبوع الثالث ، حينئذً ينتقل الجنين من مرحلة الكيسة الأريمية إلى مرحلة« المعيدة gastrula» فيكون عبارة عن حويصلة مجوفة ذات ثلاث طبقات من «الأغشية الجنينية Germ layers » مرتبةً فوق بعضها البعض تسمى طبقة الخلايا الأكثر قرباً لجدار الرحم «بالإكتودرم ectoderm » و«الطبقة الوسطى بالميزودرم mesoderm» و الطبقه الأكثر قرباً لفراغ التجويف «بالاندودرم endoderm» .
٭ بدء تمايز الخلايا وتخلق أعضاء الجنين في تلك الفتره تشرع خلايا الأغشية الجنينية بالتحول إلى خلايا متخصصة « أعصاب ، جلد ، دم ..».
تتمايز من الإكتودرم خلايا الدماغ والجهاز العصبي والطبقة الخارجية من الجلد ، تتشكل بقعه عصبية في منطقة الرأس و تتطور إلى « لويحات عصبية placodes » منها تنمو أعصاب الحواس وأعضائها ، تبرز أعصاب السمع والأذن من «اللويحة السمعية otic placode» ثم تتخلق أعصاب الشم والانف من «اللويحه الشمّية olfactory placode » وتظهر بعدها أعصاب الرؤيه والعين من «اللويحة البصرية optic placode » ومن الجدير ذكره أن الإنسان هو المخلوق الوحيد من بين الثدييات والفقاريات الذي تتطور عنده حاسة السمع قبل البصر.
٭ بحلول الأسبوع الرابع يبدوالجهاز العصبي للجنين كأنبوبة ملتوية ذات رأس وذنب بحيث ينمو من الرأس دماغ وسيصير الذنب نخاعاً شوكياً تتفرع منه أعصاب الحركة والحس،تتابع عمليات النمووالتخلق ويستطيل الجنين فيصير شكله مثل دودة البرك «علقة أو leech like embyro» . تتمايز من الطبقة الوسطى «الميزودرم »خلايا مسؤولة عن بناء الجسم تسمى «الجسديه somite». وفي الأسبوع الثالث تتحول الخلايا الجسديه إلى ثلاث أنواع من الخلايا الجذعية المتخصصة ، «dermatome» تتمايز الى خلايا الجلد الداخلية « إبيدرميس» والدهن والأغشيه الرابطه التى تدعم وتربط خلايا الجسم المختلفة ، «myotome» تتمايز إلى خلايا عضلية « عضلات الهيكل العظمي ، القلب ، الاوعيه الدمويه ، اللسان الكليه ، الطحال وهكذا ». «sclerotome». تتمايز إلى خلايا العظام، الغضاريف والأوتار «ألياف تربط بين العضلات أو بين؛العضلات والعظام » . أول ما يتمايز هي خلايا « sclerotom » وهكذا تتخلق العظام قبل العضلات «اللحم»، قبل تلك الفترة بقليل ،في الْيَوْمَ التاسع عشر، يبرز« أنبوبان دمويان endocardial tubes» وينموان الواحد بمحاذاة الآخر ثم يمتزجان ويكونان وعاءً صغيراً وفي حدود اليوم الثاني والثالث والعشرين يصير الوعاء قلباًويبدأ بالخفقان وضخ الدماء ليكون أول عضو يكتمل نموه ويبدأ بالعمل .
ومع نهاية الأسبوع الرابع تنتشر الخلايا الجسدية على جانبي ما سيكون العمود الفقري حِينَئِذٍ يكتمل تخلق الفقرات ،يتشكل ظهر الجنين بإنحناء نحو جهة فراغ الرحم وتظهر على جسم الجنين إنبعاجات ،تجاعيد، وأخاديد فيكون شكله حينها أشبه بمضغة طعام لاكتها الأسنان.
في نفس الفتره تتمايز الخلايا الجذعيه من طبقة «الإندودرم » ويتخلق منها الجهاز الهضمي « المرئ ،المعده والأمعاء ، الجهاز التنفسي،الكبد،البنكرياس والغدد ». بمضي تلك الفترة تكون أعضاء جسم الجنين في مراحل متقدمة من التخلق والتشكل.
••• لنتوقف هنا و لننظر ماذا يقول الذكر الحكيم المطابقة بين تخلق الجنين وبين آيات القران الكريم !!!
تبدأ رحلة الحياة بعد إختلاط مني الرجل وبويضة المرأة ويشير القرآن الكريم عن طريق إستعماله لكلمة {أمشاج } حقيقة تخلق الانسان من نطفه مختلطة ليست من مصدر واحد، ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾. !!!!!!! .
صار معلوماً منذ القرن العشرين أن كروموزوم الجنس في الحيوان المنوي هو الذي يحدد جنس الجنين فإذا كان «y» فالجنين ذكر وإذا كان« x» فأنثى، من جهه ثانية ذكر النص القرآني منذ أربعة عشر قرناً أن المني في النطفه هو المسؤول عن تحديد الجنس! ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾.!!!!!!! .
إضافةً إلى ذلك ، رأينا أن النطفه حين تكون في طور الكيسه الأريمية تصل تجويف الرحم و تنغرس فيه .من جهة ثانية تذكر آيات القران حدوث الإنغراس بالرحم أو القرار المكين في مرحلة النطفة ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾.!!!!! . نستمر في التأمل وما يزيد من إندهاشنا هو وصف القرآن للجنين {بالعلقة}!!!!! . وفعلاً مرَّ معنا أن الجنين يمر بمرحلة يبدو فيها مثل دودة البرك {العلقة } وأن تخلق جسم الجنين وأعضائه يبدأ في تلك المرحلة ، إقرأوا ماذايخبرنا كتاب الله ﴿ ألم يك نطفة من مني يمنى* ثم كان علقة فخلق فسوى *فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى﴾!!!!!!!! .
نحن نعلم أن أعصاب السمع تبدأ في التخلق قبل أعصاب الرؤية وبنفس الفترة يكتمل تخلق ألقلب ويبدأ بالنبض ، نقرأ الآيات التالية فنلمس التطابق التام والحقائق العلمية.﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ﴾.!!!!!!! .
وقدثبت أن خلايا العظم تتكون قبل اللحم ، لاحظوا كيف سبق وأخبر القرآن بذلك ﴿ فكسونا العظام لحما ﴾!!!!! .
رأينا أن العلقة بعد أربعة أسابيع تكتسي بإنبعاجات وأخاديد وتتخذ شكل المضغة ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾.!!!!!!!! . ليس هذا فحسب بل وتذكر الآيات كوّن المضغة مخلقة وغير مخلقة، في إشارة إلى وجود الخلايا الجذعية الإحتياطية الغير مخلقة !
★ لقد إستعرضنا شوطاً من نمو الجنين وتخلقه ورأينا تطابقاً صاعقاً بين ما توصل إليه علم الأجنة في زمننا هذا وبين ما ذكرته آيات القرآن ذات الأربعة عشر قرناً و تستمر البشريه ببناء المعرفه لبنه فلبنه ويكشف العلم بتقدمه أسرار الكون فإذا بكثيرٍ من هذه الأسرار قد عانقتها آيات القرآن والتي ما فتأت منذ نزولها وهي تدعوا و المؤمنين والملحدين على حدٍ سواءٍ أن يتفكروا في أنفسهم ويبحثوا في علوم الكون، وأن يسلكوا البحث العلمي طلباً للحقيقه ﴿ أَوَلَم يَتَفَكَّروا فى أَنفُسِهِم ما خَلَقَ اللَّهُ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ بِلِقائِ رَبِّهِم لَكٰفِرونَ﴾...
٭ سبحان الخالق المبدع الجبار الذى نزل القرآن آيات محكمات.....