قانون الايجار الجديد وموقف مجلس النواب
![]() |
(اعلام الدفاع الوطني المصري)
قانون الايجار الجديد وموقف مجلس النواب
شهد ملف الإيجار القديم تطورات بارزة في الآونة الأخيرة، إذ عاد مشروع القانون الجديد ليشغل حيزاً واسعاً من النقاش داخل البرلمان وبين المواطنين، وسط جدل متصاعد حول بعض مواده وخاصة المتعلقة بزيادة القيمة الإيجارية وفترة سريان التعديلات المزمع تطبيقها. وقد تباينت ردود الفعل ما بين من يعتبر أن المشروع يعيد التوازن بين حقوق ملاك العقارات الذين عانوا طويلاً من الإيجارات المنخفضة، ومن يحذر من تداعيات اجتماعية خطيرة حال تنفيذ القانون بدون تدرج أو دراسة كافية لأوضاع الأسر المتضررة.
من جانبه، شدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على أن الدولة تتعامل مع ملف الإيجار القديم بشكل مدروس وواعٍ، في ضوء ما يمثله من إشكالية متجذرة منذ أكثر من ستة عقود. وقال خلال مؤتمر صحفي إن الحكومة تضع في اعتبارها ضرورة الحفاظ على توازن دقيق يضمن عدالة للطرفين دون تهميش لأي منهما، مشيراً إلى أن مشروع القانون يخضع لحوارات مجتمعية واسعة داخل مجلس النواب وبين كافة الأطراف المتأثرة بهذا الملف.
وقد كشف المشروع عن عدة نقاط جدلية؛ إذ نص على رفع قيمة إيجار الوحدات السكنية إلى ما يعادل 20 ضعف القيمة الحالية، مع تبني حد أدنى للإيجار مقداره 1000 جنيه شهرياً في المدن و500 جنيه في الريف، بينما ستُرفَع إيجارات الأماكن غير السكنية خمسة أضعاف مقارنة بالأسعار المثبتة حالياً. أما التعامل مع عقود الإيجار القديمة، فقد اقترحت إحدى المواد إنهاء جميع هذه العقود خلال خمس سنوات من بدء تطبيق القانون، مع إلزام المستأجرين بإخلاء الوحدات في نهاية الفترة المحددة، وإعطاء الملاك الحق في اللجوء للقضاء لطلب الإخلاء إذا لم يتم التنفيذ.
ولم يغفل القانون عن بعض ضمانات الحماية للمستأجرين، حيث يُفترض توفير وحدات بديلة لهم من الدولة سواء بالإيجار أو التملك، ومُنحت أولوية التقدم عبر منصة إلكترونية خلال الأشهر الثلاثة التي تلي بدء العمل بالقانون.
برلمانياً، أبدى العديد من النواب اعتراضهم على بعض بنود المشروع، معربين عن تخوفهم من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الزيادات الكبيرة في الإيجارات، خاصة في حالات قد تصل فيها القيم الشهرية إلى 4000 أو حتى 8000 جنيه في بعض المناطق، وهو ما يصعب على الكثير من الأسر تحمله. وقدم بعض الأعضاء مقترحات بديلة، مثل وضع سقف للزيادة وربطه بمعدل التضخم، وتمديد الفترة الانتقالية إلى عشر سنوات، بالإضافة إلى توصية بإنشاء صندوق لدعم المستأجرين الأكثر احتياجاً.
وفي اقتراح إضافي لاحتواء الأزمة، طرح النائب إيهاب رمزي خطة تقضي بإنهاء العلاقات الإيجارية خلال السنوات الثلاث الأولى مقابل صرف تعويض للمستأجر نسبته ربع القيمة السوقية للوحدة، بما يتيح له إمكانية البحث عن سكن بديل أو امتلاك وحدة جديدة.
وعلى الجانب القانوني، حذر بعض خبراء القانون وعلى رأسهم الدكتور محمد سيد خليفة، من أن المادة التي تنص على إنهاء العلاقات الإيجارية قد تتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية، والتي سبق أن أقرت بصحة العقود والحقوق المكتسبة للمستأجرين، مؤكدين أن تعديل الوضع القانوني يحتاج معالجة دقيقة لتجنب الإضرار بحقوق الطرف الأضعف.
من ناحية أخرى، نبه المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، إلى المخاطر المترتبة على عدم حسم هذا الملف، منها إمكانية فسخ عقود الإيجار القديمة بأحكام قضائية متتالية، نتيجة قرارات المحكمة الدستورية التي اعتبرت تثبيت الإيجار مخالفاً للدستور. وتشير بيانات رسمية إلى أن 36% من أسر الإيجار القديم تدفع أقل من 50 جنيهاً، وأن بعضها لا تتجاوز قيمة إيجاره 175 قرشاً، في حين توجد نحو 1.6 مليون أسرة تحت مظلة هذا النظام، بالإضافة إلى 450 ألف وحدة مغلقة بسبب نزاعات الإيجار، ما يعني وجود فرص اقتصادية واستثمارية ضائعة.
ويرى المؤيدون لمشروع تحرير الإيجار القديم أن تطبيق القانون سيسهم في إعادة تنشيط سوق العقارات ورفع إيرادات الدولة الضريبية وضخ وحدات مغلقة للسوق وتحقيق عدالة طال انتظارها للملاك. في المقابل، يدعو معارضون إلى ضرورة التدرج المرحلي، ومراعاة الحالات الإنسانية، وتقديم دعم مباشر للأسر الأشد احتياجاً.
وأكد وزير الإسكان التزام الدولة بعدم التخلي عن المواطنين المتضررين، والتفكير الجاد في توفير وحدات بديلة خلال مرحلة انتقالية، فضلاً عن إمكانية إجراء تعديلات على القانون المقترح بعد التشاور مع النواب للاستجابة للظروف الاجتماعية والإنسانية الخاصة. ومن الواضح أن إقرار قانون الإيجار القديم سيبقى رهناً بالتوافق المجتمعي والبرلماني، وسط تطلع لمعادلة تحفظ مصالح الجميع وتقلل من الآثار السلبية على الفئات الضعيفة.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية